الأحد، سبتمبر 18، 2011

واقعية التعددية



منذ أمدٍ لم أفكر بالكتابة بسبب بعض الارتباطات الدراسية ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنني لا أفكر، ولا أعلم حقيقة ما يدفعني للكتابة ولكني، أكتب، لذلك لم أتردد في اختيار موضوع يمس طبيعة البشر لأني لا أحبذ الولوج في أمور لا تخص البشر ( وبكل صدق لم أنوي الكتابة عنها مستقبلا ).
كعادتي مع أحد الاصدقاء ولأول مرة اتفقنا مبدئياً على التعددية كمبدأ ولكن كعادتنا نختلف في ترتيب الاوليات، وهذا أيضاً ممارسة طبيعية للفكر وحرية للرأي نتفق ونختلف كل يوم ( حرية الرأي موضوع لحاله )
وحتى الآن لم اطلع كثيراً على كتب سطرت عن التعددية لأني لا أقصد فيها تعددية في مجال معين سواء أكان سياسي أو غيره، وما اعنيه (وبكل صدق كما قالها حسني مبارك حرفياً) التعددية في كل شي من جوانب الحياة لأنها قد تكون طبيعية ناتجة لأسباب عدة، ولا اتصور مجتمع من غير تعدد.
التعددية لا تختص في جانب معين وإن كانت التعددية السياسية ظاهرة من خلال وسائل الاعلام يومياً، وأخص بالذكر عندما يظهر لنا سياسي يتحدث عنها بكل لباقة ويصورها لنا بأنها مظهر من مظاهر رجل السياسة وتنعكس على المجتمع الديمقراطي بشكل مرن، وتعود على المجتمع بالمنفعة العامة حتماً، فهذه التعددية كما هو واضح تعددية سياسية لا يقول بها إلا شخص متمرس بالسياسة مستقل كان أو تابع لأحدهم.
في المقابل نجد تعددية عشائرية ولاسيما في دولنا ناتجة عن طبيعة المجتمع وحياته، ونمارسها يومياً سواء في الانتخابات أو تنمية الموارد البشرية وفي تعاملاتنا الحياتية وغيرها هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد التعددية الطائفية سواء في الدين الإسلامي أو الأديان الاخرى وايضاً نمارسها بشكل يومي وفي كل المجالات.
الفرق دائماً في أولوية التعددية، كلما احتجنا إلى جانب منها نستخدمه في مجال ونتحول إلى مجال آخر.
وكأنني لم أذكر التعددية الجنسية، طالما أن المجتمع يتكون من ذكور وأناث وهذا هو الطبيعي عادة، تأتي الاصوات الأخرى لتطالب بجنس ثالث ورابع، والمسألة مرتبطة بالعدد لذلك تكون قابله للزيادة في أي وقت!

الجميل في كل ما ذكرت انه في كل نوع نجد له مُطالب ينادي به يومياً، فالسياسي يطالب بالتعددية الحزبية وتداول السلطة، ورجل الدين متمسك بدينه والمذهب المتبع، والآن الأنثى تطالب بحقوقها، وأتباع الجنس الثالث لا يترددون في تنظيم حقوقهم والمطالبة بها.
لو عرض علي الأمر لقبلت بهم كلهم ! حتى أثبت فشل ما هو ساقط بالممارسة ويبقى ماهو طبيعي من خلال القناعة العامة، لذلك لا يمكن أن اتجاهل شي موجود واقعياً.
ولأن هذه التعددية موجودة واقعياً لا يمكن تجاهلها لا إجتماعياً ولا ثقافياً ولا حتى سياسياً إنما لابد أن تنصهر هذه التعددية في جميع الأوساط ليشكل فسيفساء المجتمع بعد أن يتم إستبعاد الغث من السمين مما تحمله تلك التعددية وما لا يصلح للمجتمع زمانا ومكانا عبر الممارسة والتطبيق.
مهما تعددت هذه المسائل تبقى لكل منها ايجابياتها وسلبياتها، فالتعددية الحزبية لا تعني دائما الديقمراطية والتقدم، لأن المواطن من أي فئة كانت قد لا يهمه حرية الرأي بقدر اهتمامه بالمسكن، أما التعددية الطائفية لا تعني التسامح والوقائع كثيرة.
لذلك العمر الافتراضي لأي نظرية أو فكرة أو ممارسة مرتبطة بحسن تطبيقها. ولكن دائما نربط التطبيق بأصل الفكرة لذلك رفضنا كل شي.

من زاوية أخرى يجب مراعاة كل مجتمع وخصوصيته، فالتدرج دائماً يعكس حسن التطبيق، فالمجتمع السعودي على سبيل المثال- لا الحصر- ما زال بعيد عن فكرة التعددية السياسية لهذا لا يعقل تنظيم قانون لها لسد أفواه الغير، لهذا يرجى من رجال الحقوق والحريات التعقل في الطرح وترك الحماسة بعد قراءة كل معلومة، وكأنه ترتيل فوري لكل معلومة ( هذه مشكلة عدم التدرج في القراءة )

وبما أني لا أتحمس مع رجال الحقوق وإن كنت منهم، وجدت أن الخطأ المنتقد يرتكبونه يومياً، وعلى سبيل المثال (ما في داعي تكرار لا الحصر) يدعون إلى تعدد سياسي حتى يرضى عنا الغير، ويتهمون فئة بالاقصاء الفكري، مع انهم يقصون كل الافكار بحجة أنها تخلف، أو انها لا تناسبهم، أو انها لا تطبق في الدولة الفلانية بما أنها متقدمة.
لهذا المطالبة شي والنقاش في أصل الفكرة شي آخر.
لو تعمقنا في تصرفاتنا لوجدنا أننا نحول المجتمع إلى فئات تقطع المجتمع، السياسي ينفق من الميزانية العامة من أجل أفكاره، ورجل الدين يرى أنه الرجل المناسب لكل شي، والمرأة تبحث عن حقوقها وتفتش في القوانين. ربما لم أجد شخص يمثل كل الفئات ويطالب بكل الحقوق لقلة الاطلاع أو حرصاً على التخصص.

الأهم من ذلك كله أن يعيش المجتمع على مبدأ المساواة لتفعيل مفهوم المواطنة الحقيقية، فإن كنت احترم كل تعددية واطالب بممارستها وعدم تركها، ولكن هذا لا يكون على حساب مفهوم المواطنة، فالمواطن من أي ديانة كانت أو مذهب أو جنس لا يمكن بأي حال من الأحوال التفرقة في المعاملة  بين المواطنين ومنح الحقوق على هذا الأساس، لذلك منح الحريات شي، والعدالة شي آخر.
وفي المقابل مثل ما نطالب بالمساواة التي هي بالحقوق والواجبات، لهذا على كل مواطن أن يتساوى بالواجبات أيضا واهمها تقديم الولاء للوطن بدلا من المطالبة بالمساواة والولاء لدول أخرى خصوصا اذا ما كانت دولة عدو.