الثلاثاء، مارس 31، 2009

أرجوحة التقاضي على الثلاث درجات

بعد صراع وجدال في نشر وعدم نشر هذا المقال، وجدت أن صحفنا الموقره تحب المدح والملق، أما النقد الموضوعي الذي أرى أنه يسهم في الكثير من تطوير أداء أي جهاز كان قد يكون مرفوض مرفوض مرفوض. ولكن لا بأس الحمدلله الذي سخر لنا وسائل النشر المتعددة ولن أرهن قلم لصحيفة معينة.
أصدرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في تقريرها الثاني المتعلق بحقوق الإنسان السعودي على كل الأصعدة بدءً من النظم التشريعية وحرية التعبير وصولا إلى حقوق السجناء. وبعيدا عن الإطراء الذي قوبل به هذا التقرير ارتأيت توضيح بعض الأخطاء التي وقع فيها معدو التقرير عندما تطرقوا في تقريرهم الحقوقيّ إلى الأطر التشريعية، ولاسيما نظام القضاء الجديد خاصة قراءة المادة التاسعة من النظام المذكور(1) فمن واجبي الوطني أن أصحح ما وقعت به الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي تصف في تقريرها " من أبرز ما أضافه نظام القضاء الجديد ما تضمنته المادة التاسعة من إتاحة التقاضي على ثلاث مراحل عندما بينت أن المحاكم تتكون من : المحكمة العليا، ومحاكم الاستئناف، ومحاكم الدرجة الأولى..." (ص9 س17)

وما تم ذكره في التقرير جانبه الصواب حيث أن التقاضي في المملكة العربية السعودية مكفول بنص النظام على درجتين لا ثلاث درجات مثلما ورد في التقرير، والجدير بالذكر أن المحكمة العليا لا تعتبر درجة من درجات التقاضي إنما هي محكمة نظام، وما يعزز صحة ما نصبو إليه هو أن اختصاص المحكمة العليا المنصوص عليه في المادة الحادية عشرة لا يخرج عن طور المراقبة والمراجعة للأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف، فهي محكمة نظام أو كما تسمى في القانون المقارن محكمة قانون ولا تعتبر درجة من درجات التقاضي البته، فقد نص النظام في الفقرة الثانية من المادة الحادية عشرة بقولها : " وذلك دون أن تتناول وقائع القضايا...". وهذا ليس بغريب على مبادئ القضاء طالما أن هناك محكمة تراقب عمل المحاكم التي هي أدنى منها، فإذا اعتبرنا أن النظام على ثلاثة مراحل تنتفي صفة الاستعجال في البت في القضايا المنظورة
أمام القضاء وسنقع في دوامة اللانهاية المعابة أمام جميع النظم القانونية في العالم واللبس الذي وقعت به الجمعية الوطنية يقلل من دورها في مراقبة وتقييم الأنظمة في المملكة العربية السعودية طالما هي عاجزة عن تحقيق أهدافها، خاصة أنها تنقل لقراء العالم بأسره ما كان وما يكون خاصة القانونيون منهم، الخطأ الوارد لا يخرج عن أمرين، فإما أن القراءة تمت بشكل سريع وهذا خطأ فادح حيث أنها تنتقد مجلس الشورى في مناقشة نظام القضاء الجديد بشكل سريع في الصفحة التاسعة من التقرير، وإما أن القراءة صدرت من غير متخصص في مجال الأنظمة وهذا أعظم من ما سبقه.
1- الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/78 بتاريخ 19/9/1428هـ.

الأربعاء، مارس 25، 2009

التقرير الثاني عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية

صدر التقرير الثاني عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية والتي تكفلت في إصداره الجمعية العامة لحقوق الإنسان.
وجاء التقرير بعد تمحيص الأنظمة في المملكة ولصقها على أرض الواقع وتبين لها بعض الانتقادات اللاذعة في عرف القانون، وبعد إطلاعي على هذا التقرير وجدت به ما يثلج الصدر وأن المملكة تسير على خطى ثابته ان شاء الله ولكن هيهات هيهات، فإن حق الانتقاد الممنوح للجمعية العامة لا يعني أنها محصنة من النقد، لأنني وجدت خطأ لا يغتفر في هذا التقرير مما جعلني أن أعد العدة وأشد الحزام للسير على انتقاد الانتقاد، لانه صدر إما بعجالة وهذا ينافي عمل الجمعية أو انه صدر من رجل لا ناقة له ولا جمل في الاختصاص وهذا الخطأ الأعظم في ذلك.
طالما أن هذه الكتابة خاصة في زاوية الأخبار لن أتطرق إلى الخطأ المغفور له وسأعد القلم والمسطرة في خانة القانونيات.

الأربعاء، مارس 18، 2009

كشك الاستشارات السياسية

يطمح الكثير منا الوصول إلى مركز مرموق في المجتمع، ولا أنكر أن المستشار يعتبر شخصية هامة في جميع المجالات حيث أنه مختص في عمله بالإضافة إلى خبرته التي لا يستهان بها، وحتى يتقن هذا المستشار عمله لابد أن يكون ذو نظرة ثاقبة تميزه عن أقرانه.

ومن المثير للجدل أننا نشاهد مكاتب استشارات في مجال القانون حتى نرجع إليهم وكذلك هو الحال بالنسبة للاستشارات الهندسية، أما في مجال السياسة لم أصادف مكتب يوجهني إلى اعتناق فكر ما أو حزب ما وهذا يعود إلى استحالة أخذ القرار حتى تذهب لتستشير، ولكن مع البحث والتحري وجدت مكاتب سياسية وتعطي استشارات سياسية ويغلب عليها الطابع الإلزامي كذلك!

وحتى لا أخوض كثيرا في ماهية المكتب السياسي أبدأ في الخدمات المميزة الذي يقدمها هذا المكتب، فهو يقدم استشارات سياسية على قدر عالي من التفهم ويراعي في ذلك الواقع الدولي ومراكز القوة في كل إقليم، بالإضافة إلى تقديم جميع الحلول السياسية عندما يشوب أي نزاع سياسي أو عسكري في إقليم ما أو بين دول مترامية الأطراف ناهيك عن خدمة التوصيل بإرسال مندوبين حاملين جميع الأهداف الإنسانية بين أرجلهم ويقدمونها على شرط السكين، وإذا زاد الأمر اضطرابا يمكن أن يتم تشكيل لجنة مصالحة تتميز بأحدث الأساليب المقنعة المدعمة بالبراهين والأدلة حتى تخرج بنتيجة مرضية للطرفين.

بالنسبة إلى مدى إلزامية هذه الاستشارات فهي تختلف من شخص إلى آخر كما تختلف بدرجة علمه وثقافته وكيفية وصوله إلى نظام الحكم، ومن تربع على كرسي الحكم بالنظام الوراثي قد تلزمه هذه الاستشارات بدرجة كبيرة وكذلك هو الحال بالنسبة إلى من يخطف كرسي الحكم بطرق شرعية وغير شرعية بنفس الوقت كما هو الحال في الانتخابات ومن ثم تزويرها حتى يتم وصول الشخص أو الحزب الذي ينتمي إليه إلى أعلى كرسي في الدولة. والموقف مغاير تماما في الانتخابات النزيهة الحرة حيث يشعر الفائز بمكانته وشعبيته في المجتمع وهذه اعتبرها أقل ورقه ضمان يمنحها الشعب لحاكمه حتى يسنده بدلا من الأوراق السياسية الأخرى والتحالفات التي لا تمت صلة للشعوب، بل بشرت لنا بالفقر وتردي الحالة المعيشية لكل فرد ولا أغفل أننا نعاني ارتفاع أسعار كثير من المواد الأساسية، وأما الطبقة التي هي أعلى بقليل تعاني من أسعار الترف الملاصق بها ومن أهمها مكاتب المحاماة التي أصبحت تحسب ربحها بكل دقيقة تجلس من حضره المحامي، ومكاتب الاستشارات الهندسية ومكاتب المحاسبة.

ولا يختلف الأمر على صعيد الاستشارة السياسة فإنها مكلفة ومتعبه على المستشير وأتباع المستشير، ويتمثل ثمنها في نقص السيادة التي هي بالأصل كاملة لأي دولة والسيادة في العادات الدولية كالشرف في أراضي سوهاج، فهي الكل في الكل وهي شرف الحاكم وشعبه ومن يتعدى على شبر من هذه السيادة تصبح الدولة مذمومة دوليا ويجر عليها من يجر لأنها فقدت أغلى ما تملك.
وكذلك قد يكون الثمن بالاتفاق على منح جزء من الأراضي حتى تتمكن الدولة المستشار من بسط نفوذها عسكريا أو دس خبائثها النووية في الثلث الأخير من يوم السبت، وقد يستغرب القارئ كيف يحصل هذا أو كيف توافق هذه الدول وحتى لا أسرق دهشة القارئ أقول له أن الحب مصيبة ولا نشك أن المحب يفعل كل ما بوسعه ويتنازل عن أشياء ثمينة عنده حتى يصل إلى من يحب وهذا ما حدث، حب الكرسي من أعلى درجات الحب وأكثره، وقد سمعنا قصائد في حب ليلى وتذلل من تذلل في الحب ولكنها حالات قليلة بالنسبة لحب الكرسي، ناهيك عن تزايد هذا الحب يوما بعد يوم ويمتد إلى الكراسي الأدنى درجة ولو لا الحياء لوجدت الشخص الواحد يتربع من الساعة الثامنة حتى التاسعة وزيرا ، وحتى العاشرة رئيسا للقوات البحبرجوية، ويكمل مسيرته إلى الحادي عشر كرئيس لهيئة كبار العلماء، ولا ينشغل حتى الثانية عشر ليتولى أمور الأيتام ويشرف على التبرعات، وبعد ذلك يتعذر لك عن سوء العمل بالظغط وعدد المعاملات والإرهاق الشديد.
وقد يكون الثمن بنزع المبادئ الأساسية لشعب ما، كتحويل اللغة أو الديانة أو نزع الثوب وسدل البنطال كرمز للتقدم والحضارة السليمة، كقص الشعر بأحدث الطرق، كتفكك الأسرة وفرض عقيدة الخروج بعد الزواج والزيارة للأهل كل عيد بسبب المشاغل وتكوين المستقبل، وهذا يكون عن طريق الغزو الفكري وغياب مؤسسات الدولة بالتوعية والفرض إذا استلزم الأمر ولكن أظن أننا مستعدون لتغيير حتى طريقة قضاء الحاجة حتى لا يقال أننا مسرفون بالماء ولابد أن نواكب الدول المتقدمة ولا يشار إلينا بالرجعية.

وقد يكون الثمن على حساب التاريخ، ولو خرج أحد رموز الإسلام إلى أرضنا في 2009 ووجد ما وجد أظنه لن يشكر أي قائد بل سيقول من هداكم إلى الإسلام؟ ومن أي كتاب تتعلمون؟ ومن فسر لكم هذا الكتاب حتى تقوموا بهذه الأفعال؟ ومن أفتى لكم بهذا؟ والإجابة بكل لباقة وبأقل مجهود إنها السياسية يافلان ونحن نطمح لأن نوقف هذا الإمتداد ولكن لا نستطيع. بالفعل أعانكم الله على ما تطمحون إليه وأمدكم بالقوة والعافية وطول العمر حتى تشهدوا سقوط الأمة الإسلامية بأجمعها.
ملاحظة: الأسعار لا تشمل الضريبة ، يضاف 18% على الأسعار وتستحق الضريبة بالدولار.