السبت، يناير 29، 2011

الدستور السعودي 2-2

ذكرت في الجزء الأول من هذا المقال أهم العناصر التي يجب أن يتكون منها الدستور في أي دولة، وعندما وجدنا هذه العناصر في النظام الأساسي للحكم، وهذا ما يجعلني أن اعتبره دستورا للدولة دون أن اشراك انظمة أخرى، أبين في هذا الجزء الاشكاليات لفهم النظام الأساسي وقراءته بشكل متكامل مع كافة الأنظمة في الدولة.

إشكاليات فهم النظام الأساسي للحكم

إن اختلاف تفسير نصوص النظام الأساسي للحكم يؤدي إلى اختلاف النتائج، وهذا ما حاولت أن افهمة حتى أتحقق من حقيقة الدستور السعودي، فذكرت في الجزء الأول من المقال بأن البعض يعتبر دستورنا كتاب الله وسنة رسولة، وهذا ما أود أن اتحقق منه، والاتجاه الآخر يعتبر بعض الأنظمة مجتمعة قد تكون دستور وهذا ايضا ما أود أن اتحقق منه.

المادة الأولى من النظام الأساسي

تنص المادة الأولى من النظام الأساسي السعودي : ( المملكة العربية السعودية، دولة عربية اسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسولة صلى الله عليه وسلم، ولغتها هي اللغة العربية، وعاصمتها هي مدينة الرياض )

والتعليق على النص السابق انه بصراحته يقر بأن دستور الدولة كتاب الله تعالى وسنة رسولة صلى الله عليه وسلم، وهذا ما أدى إلى القول بعدم وجود دستور بالمعنى الدقيق وفقا لمبادئ القانون الدستوري.

إلا أن بعد التدقيق والبحث في جميع نصوص النظام الأساسي وجدت بأن الشريعة والسنة لا يمكن أن تكون دستور بالمعنى الدقيق، وذلك لا يعني نقصها، ولكن الدستور بالمعنى القانوني يجب أن يشتمل على مواضيع رئيسية بشكل معين حتى يمكن القول على أنها دستور، لذلك نخرج هذا الفرض.

واذا كنت أعتقد بأن كتاب الله وسنة رسولة لا يمكن اعتبارها دستورا للمملكة، فما هي القيمة من ذكرها؟

اعتقد أن الاجابة تتخلص بأن القرآن والسنة هما المعيار لشرعية كل نظام في المملكة بما فيهم النظام الأساسي للحكم، وعليه أي نظام يخالف القرآن والسنة يمكن أن نعتبره غير دستوري بالمعنى القانوني، والامر يسير وفقا للترتيب الهرمي، فالنظام العادي يجب أن يتوافق مع النظام الأساسي للحكم، والنظام الأساسي للحكم يجب أن يتوافق مع القرآن والسنة، وعليه أي نظام يخالف الشريعة يصبح في اطار عدم الدستورية. والدخول في شرح عدم دستورية الأنظمة في المملكة يحتاج إلى موضوع مستقل، ولكن لا يمنع من أن نبين بأن عدم الدستورية تتم عن طريق الامتناع عن تطبيق أي نظام مخالف للقرآن والسنة من قبل القضاء الوطني.

ويمكن أن نعتبر ذلك ميزة للنظام الأساسي للحكم على اعتبار أن لكل نظام رقيب، وفي الأنظمة المقارنة ومعظم الدساتير في الدول تجعل الدستور هو أعلى الهرم القانوني لديها، فيمكن الحديث عن عدم دستورية قانون في تلك الأنظمة المقارنة، أما الميزة في التجربة السعودية أن النظام الأساسي للحكم وهو الذي نعتبره دستورا للدولة يمكن الحكم بعدم دستورية بالكامل أو بشكل جزئي عندما يتصادم مع القرآن أو السنة.

وما يعزز ما توجهت إليه هو ما جاء في نص المادة السابعة من النظام الأساسي للحكم : ( يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة )

فالمادة السابعة تؤكد أن القرآن والسنة هما المعيار لجميع الأنظمة، لذلك لا ننزع صفة الدستور من النظام الأساسي للحكم، انما نؤكد وجود الدستور ونضيف إلى ذلك المعايير التي يختارها الدستور وهما القرآن والسنة.

وقد يذكر البعض بأن الدستور يجب أن يسمو على جميع الأنظمة، فهو يمتاز بمبدأ السمو، وهذا لا يصطدم بمبدأ السمو طالما أن معيار الدستورية يطال النظام العادي والنظام الأساسي، ونبقي الوضع على الهرم النظامي في المملكة بأن النظام الأساسي هو رأس الهرم النظامي.

وتأسيسا على ماسبق تكون المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم لا تشكل عائقا قانونيا لاعتبار النظام الأساسي دستورا للدولة، إنما هي تعزز تطبيق القرآن والسنة، وتضع معيارا لشرعية النظام الأساسي للحكم وجميع الأنظمة في الدولة.

عدم شمول كلمة نظام للأنظمة الأربعة

ورد استثناء في المرسوم الملكي رقم (م/23) وتاريخ 26/8/1412هـ، ويبين بأن كلمة نظام الواردة بالمادتين التاسعة عشر والعشرين من نظام مجلس الوزراء الصادر بالمرسوم الملكي رقم (38) وتاريخ 22/10/1377هـ لا تشمل الأنظمة التالية: 1- النظام الأساسي للحكم 2- نظام مجلس الشورى 3- نظام مجلس الوزراء 4- نظام المناطق (المقاطعات).

من خلال الاستثناء يتضح بأنه جاء ليحدد من اختصاصات مجلس الوزراء، وبناء على نظام مجلس الوزراء يختص المجلس بإصدار وتعديل الأنظمة في المملكة، وجاء المرسوم الملكي ليستثني بعض الأنظمة من اختصاص مجلس الوزراء.

وهذا ما أدى إلى فهم الاستثناء بأنه أراد أن يسمو بهذه الأنظمة إلى مرتبة الدستورية، وتكون الأنظمة الأربعة مجتمعة دستورا للدولة، وهذا ما اعتبره فهم يجانب الصواب لأسباب عدة.

أولها أن الاستثناء جاء على نظام صدر بمرسوم ملكي، وحل محله نظام مجلس الوزراء الصادر بأمر ملكي، وهناك نلاحظ اختلاف الوسيلة النظامية فالنظام سابقا كان صادرا عن طريق مرسوم ملكي، بينما النظام الحالي لمجلس الوزراء صادر بأمر ملكي.

ثانيا، إن الاستثناء وان كان جاء وفقا لنظام حل محله نظام آخر، إلا أن الملاحظ بأن الاستثناء جاء في اطار اختصاص مجلس الوزراء، ولسبب أن الانظمة صدرت بأمر ملكي ومن البديهي انه لا يمكن تعديلها وفقا لمجلس الوزراء، لأن الأنظمة الأربعة حصنت نفسها ومنحت نفسها السمو الشكلي في نهاية كل نظام ونصت على عدم جواز تعديلها أو إلغاؤها إلا بالطريقة التي صدرت بها، وكما هو مبين أنها صدرت بأمر ملكي فهي خارجة عن اختصاص مجلس الوزراء.

ثالثا، أن الاستثناء لا يمكن أن نعتمد عليه لاعتبار بعض الانظمة في مرتبة دستورية، لأن نظام هيئة البيعة لم يشمل بالاستثناء، وهو صادر بأمر ملكي، ومنح نفسه السمو الشكلي، ويعتبر من المواضيع التي تدخل في المجال الدستوري ولم يتم يشمل بالاستثناء، وهذا ما يقلل أهمية الاستثناء عند الحديث في الاطار الدستوري.

رابعا، أن أهمية بعض الأنظمة جاءت من خلال آلية صدورها كالأنظمة الأربعة التي صدرت بأمر ملكي ولا يمكن تعديلها أو إلغاؤها إلا بأمر ملكي، ومن جهة أخرى نلاحظ أن نظام مجلس الأمن الوطني تم حظر تعديله خلال حكم المجلس المؤقت وفقا للمادة العاشرة من نظام هيئة البيعة، وخلال هذه المدة لا يجوز تعديل الأنظمة الأربعة بالإضافة إلى نظام مجلس الأمن الوطني على الرغم من انه صدر بمرسوم ملكي وليس أمر ملكي.

ومن جهة أخرى جاءت المادة العاشرة من نظام هيئة البيعة بذكر هذه الأنظمة على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، وفتحت المجال لأي نظام يتعلق بالحكم ولو كان صادرا بمرسوم ملكي، مما يعني سمو مؤقت لهذه الأنظمة ولكن في كل الأحوال لا يمكن أن نعتبره جزء من الدستور في الدولة.

ومن جهة أخرى هذا يبين أن السمو الشكلي وحدة لا يكفي لمنح النظام الصفة الدستورية، وهذا ما يؤكد المعيار الموضوعي لمفهوم الدستور، وذلك يتبين من خلال السمو الموضوعي الذي يتميز به الدستور بطبيعته، بعكس السمو الشكلي الذي يجب أن يكون بنص محدد، وعليه يكون السمو الموضوعي يولد بطبيعته مع القاعدة الدستورية، لذلك نجد بعض الدساتير جامدة بسبب السمو الشكلي، وبعضها مرن وسهل تعديلها، ومع ذلك تعتبردساتير للسمو الموضوعي لقواعد الدستور هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن السمو الشكلي الذي تتمتع به بعض الأنظمة أمر متوقع في الأنظمة المقارنة والدول الأخرى، فهناك ما يسمى بالقوانين العضوية أو الأساسية وهي تأتي مكملة للدستور ولكنها لا تعتبر دستور بأي حال من الأحوال، وقيمتها أقل من الدستور وأعلى من القانون العادي.

لذلك فالأمر في المملكة يكون بأن النظام الأساسي هو أول الهرم النظامي ويليه النظام العضوي إن صح التعبير ويليه النظام العادي وهذا معمول به في الدول الأخرى ولا يسبب إشكالية دستورية.

وإذا اتفقنا بأن السمو الموضوعي هو ما يميز النظام الأساسي عن الأنظمة الأخرى في المملكة، وفي ذات الوقت نجد أن بعض الأنظمة تنظم مواضيع دستورية مثل السلطات العامة في الدولة والتي ينظمها نظام مجلس الوزراء ونظام مجلس الشورى، وكذلك موضوع الحكم في الدولة والتي تتم وفقا لنظام هيئة البيعة، فما هو السمو الموضوعي الذي يتميز به النظام الأساسي للحكم؟

إن الإجابة على هذا التساؤل لا يسبب أي إشكالية من اعتبار النظام الأساسي دستورا للدولة وذلك لأن النظام الأساسي للحكم هو من ينشئ السلطات، والأنظمة الأخرى تصدر وفقا لهذا النظام ولا يجوز أن تخالفه.

ولو اتخذنا نظام مجلس الوزراء مثالا، نجد أن هذا النظام ينظم السلطة التنفيذية بالدولة، ولكن النظام الأساسي هو من أوجد هذه السلطة، ويقتصر نظام مجلس الوزراء بتنظيمها فقط، وهذا ما يتضح من خلال المادة (56) من النظام الأساسي التي تنص على : ( ويعدل نظام مجلس الوزراء واختصاصاته، وفقا لهذا النظام ) وهذا يوضح مرجعية النظام الأساسي وسموه على جميع الأنظمة، وعليه لا يمكن لأي نظام آخر أن يوجد سلطة لم يذكرها النظام الأساسي للحكم.

وتأسيسا على ما سبق أعتبر أن النظام الأساسي للحكم يعتبر دستورا للدولة بالمعنى القانوني وفقا لمبادئ القانون الدستوري، والأنظمة التي تتمتع بسمو شكلي دائم تعتبر أنظمة عضوية تكتسب قيمة أقل من الدستور وتعلو على الأنظمة العادية.

الأحد، يناير 23، 2011

الدستور السعودي 1-2

ينظر المجتمع الدولي إلى الدول من خلال دساتيرها، فالدستور أهم وثيقة في الدولة لأنه يضع حجر الأساس لسلطات الدولة ويبين شكلها واختصاص كل سلطة، والتجربة في المملكة العربية السعودية لا تختلف عن الدول الأخرى من حيث وجود تسلسل نظامي للأنظمة في النظام السعودي.

وثار الجدل حول النظام الأساسي للحكم باعتباره النظام الأول وحجر الأساس لدينا، فالبعض يشكك في وجوده كدستور للمملكة العربية السعودية، وآخرون يشركون معه بعض الأنظمة لما لها من أهمية في تنظيم الحكم مثل نظام هيئة البيعة أو نظام مجلس الوزراء.

ولحسم المسألة والخلاف بين أحقية النظام الأساسي كدستور يجب أن نرجع لعلم القانون الدستوري وهو وحده من يبين لنا ما هو الدستور؟ وما هي خصائصه؟ وما الذي يميزه عن غيره من الأنظمة في المملكة؟ وعلم القانون الدستوري يعتبر المعيار الوحيد لتمييز الدستور عن غيره.

وعلى أثر ذلك رغبت في تقديم دراسة مختصرة وموجزة بعد طرح هذه التساؤلات على علم القانون الدستوري ومبادئه وفقهاؤه.

ما هو الدستور ؟

إن مدلول القانون الدستوري منذ ظهوره مر بمراحل عديدة وعلى أثر هذه المراحل تأثرت مفاهيمه بتأثر الفقهاء بالظروف المحيطة أو بالمبادئ التي يعتنقونها، كالمدلول التاريخي الذي يشترط تنظيم القواعد الدستورية في نظام حر، أو المدلول الشكلي الذي يقتصر على القواعد المكتوبة في الوثيقة الدستورية.

ويكاد يجمع الفقه الدستوري بأن المدلول الموضوعي للقانون الدستوري هو الراجح، والمدلول الموضوعي يسلط الضوء على موضوعات بعينها يجب أن تكون في إطار الوثيقة الدستورية.

وإذا استقر المفهوم الموضوعي للقانون الدستوري بمواضيعه، فالخلاف ينصب على أهمية موضوع دون آخر، فبعض المواضيع تعتبر ذات أهمية دستورية وتنظم بقانون عادي ( وهو ما يسمى النظام في السعودية ) كالانتخاب على سبيل المثال. فالفقه يختلف في ترتيب المواضيع بل يختلف في ترتيب الأسس الرئيسية، ولكن على الأغلب في هذا العصر أن المفهوم الدستوري الصحيح يجب أن يشمل

أولا : شكل الدولة وآلية انتقال الحكم فيها كالنظام الجمهوري أو الملكي، ثانيا : السلطات في الدولة : والتي تتكون من ثلاث سلطات ( القضائية – التشريعية – التنفيذية ) ويبين حدود كل منها. ثالثا : الحقوق والحريات العامة للأفراد : لأننا نعتبر أن الدستور أهم وثيقة فيجب وضع أهم المبادئ الأساسية لحرية الأفراد والمبادئ الرئيسية كحق التقاضي والعمل والتنقل وغيرها من الحقوق الأساسية للفرد.

الدستور في المملكة العربية السعودية

إذا علمنا بأن الدستور ينظم أهم المواضيع في الدولة والتي حصرناها بشكل الدولة والسلطات العامة والحقوق والحريات العامة للأفراد، وبعد عرض هذه المواضيع الثلاثة على الأنظمة في السعودية، فالنظام الأساسي للحكم ينفرد بذكرها ابتداء كما سنرى.

فالدستور لا ينظم جميع المسائل فهو يكتفي بوضع الخطوط العريضة ويحيل تنظيمها إلى القوانين، والقوانين بدورها تنظم المحال إليها من الدستور وفقا لضوابط الدستور فهو المعيار لتحديد الخطأ من الصواب فإذا كان خطأ يكون في دائرة ( عدم الدستورية ) ويجب إلغاؤه أو الامتناع عن تطبيقه بحسب الآلية المتبعة في الدستور

ولتوضيح صور أهم المواضيع الدستورية التي نظمها النظام الأساسي للحكم نذكرها بشكل مختصر:-

شكل الدولة : تم تنظيم شكل الدولة وآلية انتقال الحكم فيها في المواد 5-6-7-8 من الباب الثاني في النظام الأساسي للحكم، ولم نجد أي نظام آخر يحدد هذا التنظيم مما يعزز انفراد النظام الأساسي للحكم وسموه على جميع الأنظمة في المملكة.

ووجود مثل هذا التنظيم يصبغ الشرعية على تصرفات الحاكم وانتقال الحكم، فالأمر الملكي أو المرسوم الملكي لا يستقيم وينفذ إلا بعد صدوره من الحاكم، وشرعية الحاكم محصورة في النظام الأساسي للحكم.

وما يعزز هذا الرأي أن نظام هيئة البيعة صدر وأصبح نافذا بعد النظام الأساسي للحكم بمدة تقارب الخمسة عشر عاما، وتم تعديل الفقرة (ج) من المادة الخامسة في النظام الأساسي للحكم حتى يتوافق نظام هيئة البيعة مع النظام الأساسي للحكم.

ومرد هذا التعديل هو منع التعارض بين النظام الأساسي للحكم ونظام هيئة البيعة مما يعزز تمسكنا بأن النظام الأساسي للحكم هو الدستور للمملكة.

السلطات العامة في الدولة:أنشأ النظام الأساسي للحكم سلطات الدولة في الباب السادس من النظام الأساسي للحكم

ونصت المادة الرابعة والأربعون بأن سلطات الدولة هي السلطة القضائيةالسلطة التنفيذيةالسلطة التنظيمية

فإذا كان النظام الأساسي للحكم انفرد بتحديد سلطات الدولة وهو من أنشأ السلطات ابتداء، والأنظمة الأخرى نظمت عمل السلطات بعد إحالة تنظيمها من النظام الأساسي للحكم إلى الأنظمة الأخرى، لهذا لا يصح مساواة هذه الأنظمة بالنظام الأساسي للحكم وان كانت تنظم أهم الموضوعات الدستورية ولكن أساس تنظيمها مستمد من النظام الأساسي للحكم، بمعنى لا يجوز لأي نظام خلق سلطة جديدة وتنظيمها

وهذا ما يميز القاعدة الدستورية عن القواعد القانونية الأخرى فهي تمتاز بأساسيتها عن سائر القواعد القانونية في الدولة، والميزة الأخرى أنها القاعدة الأصيلة والمرجع للقواعد القانونية الأخرى

الحقوق والحريات العامة للأفراد : جاء في الباب الخامس في مواده ( 23-43) أهم الحقوق والواجبات التي تقع على عاتق الدولة، كحماية العقيدة الإسلامية وتطبيقها، إعمار الحرمين الشريفين، والواجبات التي تقدمها للأفراد كحرمة المسكن وحق العمل.

وتعتبر هذه الحقوق والحريات هي الحد الأدنى التي وضعها النظام الأساسي للحكم، فهو لم ينظمها وانما اكتفى بذكرها وتكريسها، واحال تنظيمها إلى الأنظمة في الدولة، وعلى الأنظمة ان تحافظ على الحقوق الأساسية ولا تخالف ما نص عليه النظام الأساسي للحكم.

ويبقى الشي الوحيد والذي يميز القواعد الدستورية المنظمة للحقوق والحريات أنها عادة تأتي بالغموض وهذا ما يغضب رجال الحريات عادة، ويطالبون بتحديد النص وتوضيحه، ولكن الحقيقة أن غموض النص يعتبر ميزة لا عيب في النص الدستوري المنظم للحقوق والحريات، وذلك لأن الغموض يعني الاتساع دائما والشمول، بمعنى أن النص يستجيب لتطورات المجتمع وحقوقه وتبدل مفاهيمة، أما في حالة التوضيح والتحديد فإنه يعني التحديد والحصر والاكتفاء بها هو مكتوب، وللإضلافة نحتاج إلى التعديل الدستوري الذي قد يكون من الصعب تحقيقة خصوصا إذا كان الدستور جامدا. ومن ثم تأتي عملية تطبيق النص بالشكل الصحيح، فإذا كان العيب في التطبيق يجب تعديل عقلية من يطبق النص فقط.

وإذا كان النظام الأساسي للحكم تجتمع فيه المواضيع الدستورية والتي تميزه عن سائر الأنظمة في الدولة فما هي العقبات التي تمنع أو تشكك في وجوده كدستور للدولة؟