الخميس، يناير 21، 2010

قراءة في قرار ابتعاث الطلاب إلى الجامعات العربية

لم أصدق ما يحدث من حيث قراءة قرار مجلس الوزراء بشأن إبتعاث الطلاب في الدول العربية، وإن كانت الصياغة يشوبها غموض وهذا ما سأحاول إيجاد أسباب هذا الغموض ولكن بشكل عام وجدت أن العامة يطالبون بصياغة عامية لفهم هذا القرار وهذا ما لا نقبله إطلاقا، فالصياغة يجب أن تكون بفنية قانونية تختصر وتطول النص بحسب الحاجة وبعيدا عن ضرب الأمثلة في متن القانون أو القرار، لأن زمن مجلة الأحكام العدلية قد ولى وإن كانت مطبقة في بعض البلدان ولكن الصياغة القانونية تطورت حتى وصلتنا بالشكل هذا.

جاء القرار ونصه كالتالي:

" و بعد الاطلاع على ما رفعه وزير التعليم العالي في شأن تشجيع الطلاب على الالتحاق بالجامعات والكليات الأهلية والتعليم الموازي في المملكة وإعادة ضوابط الإلحاق بالبعثة لجميع التخصصات، قرر مجلس الوزراء ما يلي :
أولاً : يعامل الطلاب الدارسون - قبل نفاذ هذا القرار - في الجامعات والكليات الأهلية في الدول العربية على حسابهم الخاص ولديهم طلبات إلحاق بالبعثة وفقاً لضوابط إلحاق الطلاب الدارسين على حسابهم في الخارج بالبعثة التعليمية الصادرة بالأمر السامي رقم ( 7/ب/5601) وتاريخ 1418/4/22هـ على أن يقصر الإلحاق بالبعثة التعليمية - للجامعات والكليات الأهلية في الدول العربية - بعد نفاذ هذا القرار على الجامعات التي لديها اتفاقيات مع وزارة التعليم العالي .
ثانياً : يتم استيعاب الطلاب في المؤسسات التعليمية داخل المملكة عن طريق الجامعات والكليات والمؤسسات التعليمية الحكومية والأهلية - وفقاً للقواعد والضوابط المعمول بها - من خلال الآتي :
1 -
الجامعات والمؤسسات التعليمية الحكومية في التخصصات التي يرغبون فيها.
2 -
الجامعات والكليات الأهلية في التخصصات التي يرغبون فيها إذا لم يتم استيعابهم في الجامعات والمؤسسات التعليمية الحكومية في تلك التخصصات على أن تتحمل الدولة الرسوم الدراسية لـ ( 50 % ) من أعداد من يقبلون سنوياً في الجامعات والكليات الأهلية وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ هذا القرار ويتم بعدها إعادة النظر في هذا الترتيب بين وزارة المالية ووزارة التعليم العالي ."

ولقراءة هذا نحتاج إلى قسمه لقسمين، فالأول يخص الطلاب الدارسون قبل نفاذ هذا القرار وما يشمله من أحكام، والقسم الثاني يخص الطلاب الدارسون بعد نفاذ هذا القرار. ولن أتطرق لوضع الطلاب في المؤسسات التعليمية داخل المملكة.

1- الطلاب الدارسون على حسابهم الخاص قبل نفاذ القرار : يشملهم هذا القرار بأثر رجعي، حيث يتم تطبيق هذا القرار عليهم وكأنه صدر قبل هذا التاريخ، فالطالب الذي سجل في الجامعة قبل فصل أو فصلين أو اكثر ومازال يسري عليه كما ذكرت بأثر رجعي ولكن بشروط حددها هذا القرار، والشروط هي:

أ‌- أن يكون في جامعة أو كلية أهلية من جامعات الدول العربية.

ب‌- لديه طلب إلحاق بالبعثة وفقا لضوابط البعثة التعليمية الصادرة بالأمر السامي رقم ( 7/ب/5601).

ولو عدنا إلى الشرطين ويجب توضيحها من خلال التعليمات الوزارية من حيث مصير الجامعات الحكومية من هذا القرار طالما أن النص جاء بغموض لأننا سنطبق احتمالين في معنى الأهلية، إما أن تكون الأهلية تشمل الجامعات والكليات، أو أنها تشمل الكليات فقط وبذلك تدخل الجامعات الحكومية والخاصة و بالنسبة للكليات تشمل الخاصة فقط، وكلاهما يقودنا إلى الحيرة لأنه أمر غير منطقي أن اقبل الكلية الأهلية دون الحكومية، ولكن على كل حال أظن أن الراجح أنها الجامعات الموصى بها من وزارة التعليم العالي لأن أحد ضوابط الإبتعاث أن يحصل الراغب في الدراسة على موافقة الملحقية الثقافية في بلد الدراسة. وهذا الغموض لم أجده في الفقرة الثانية من القرار التي تختص بطلاب المؤسسات التعليمية داخل المملكة لأن النص فصل بين الجامعات الحكومية والأهلية لذلك من الصعب أن نعتبر هذا خطأ مادي في صياغة النص ولكن الأمر يحتاج إلى تفصيل وتوضيح من قبل الوزارة، لذلك نجد أن الملحقية الثقافية خصوصا في الأردن لم تشرع في تنفيذ القرار حتى الآن ولكنها تقوم على مشاورات مع الوزارة من حيث توضيح القرار ونحن ننتظر هذا التوضيح.

ولو عدنا إلى الشرط الثاني وهو شرط تقديم طلب إلحاق البعثة، فهو لا يحمل الغموض لأن من لديه طلب وتم رفضه بناء على ضوابط البعثة الجديدة سواء من حيث المعدل أو التخصص أو عدد الساعات لا يعتد بهذا الرفض، لأن المعايير المطلوبة هي بالتعليمات المشار إليها وأظن أن هذه التعليمات أهون من غيرها من حيث شروط الابتعاث لأنها لا تتطلب شرط المعدل وعدد الساعات إلا أنها حصرتها في عدد من التخصصات، ولا أستطيع أن أجزم لأني بحثت عن هذا القرار في أكثر من موقع رسمي ولم أعثر عليه ولكن من خلال بعض المشاركات في المنتديات التي تختص في أمور الطلاب وجدت هذه الضوابط وهي كالتالي :

أ‌- نصت المادة " أولاً" قرار مجلس التعليم العالي رقم 1/8/1418 وتاريخ22/1/1418هـ الصادر بالموافقة السامية رقم 7/ب/5601 وتاريخ 22/4/1418هـ بالموافقة على ضوابط إلحاق الطلاب والطالبات الذين يدرسون على حسابهم في الخارج إلى البعثة التعليمية وفق الضوابط التالية .
ضوابط عامة :
1- أن يحصل الراغب في الدراسة على موافقة الملحقية الثقافية في بلد الدراسة عند وصوله إليه .
2- أن يكون الطالب حسن السيرة والسلوك ولائقاً صحياً .
3- ألا يكون الطالب قد سبق فصلة من البعثة أو من إحدى الجامعات السعودية .
4- أن يكون الطالب مقيماً في بلد الدراسة ومتفرغا لها .
5- أن تكون دراسة الطالب ضمن أحد التخصصات التالية :
الطب - العلوم الطبية _ الهندسة الكهربائية _ الهندسة الميكانيكية _ المحاسبة _ القانون _ الحاسب الآلي .
6- أن يكون الطالب ملتحقا بإحدى الجامعات أو المعاهد الموصى بها من قبل وزارة التعليم العالي .
7- أن تكون الدراسة تحت إشراف الملحق الثقافي سواء كان في البلد الذي توجد فيه الملحقية الثقافية أو في بلد يقع تحت نطاق إشرافها.

2- بالنسبة للطلاب الدارسون على حسابهم الخاص بعد نفاذ هذا القرار فالأمر أهون بكثير من حيث القراءة لأن الوزارة قررت أن تضيق الخناق على المبتعثين من خلال حصر الابتعاث إلى الجامعات التي لديها اتفاقيات مع الوزارة، بالنسبة للضوابط أظن الأرجح تطبيق الضوابط السارية عند تقديم طلب التحاق بالبعثة التي قد تكون أشد على الطالب من حيث المعدل وعدد الساعات، لأن الأثر الرجعي يشمل الطلاب قبل نفاذ هذا القرار ولا يمكن تعميمه على جميع الحالات.

السبت، يناير 16، 2010

أنشر وإلا


على ذمة الراوي وكما وصلتني الرسالة وهي ليست الأولى من نوعها ومحتواها فكثيرا ما تصلنا رسائل على البريد الإلكتروني تحذرنا بلهجة شديدة من آثار عدم النشر، ومنهم من عُزل من وظيفته وآخر أصابه مكروه، وبالنسبة لي شخصيا ضحكت من هذه الرسالة، خصوصا أنها تحدد موعد الأثر سواء بالحزن أو بالفرح بعد أربعة أيام إن شاء الله.

(( نص الرسالة ))

" بشاره فيها خيررررررر : الرجل الذي رسم الكاريكاتير عن الرسول قد مات محروقا والدنمارك تتكتم على الخبر. ارجوك ان تنشر هذا الخبر لأن هناك اخت من فلسطين رأت رؤية من سينشر هذا الخبر أن الله سيفرحه بعد 4 ساعات والله شخص اسمه محمد اقسم بالله انه رأى الرسول في منامه وقال له الرسول: بلغ المسلمين عني أن من ينشرها خلال 4 ايام فسيفرح فرحا شديدا وأن من يتجاهلها فسيحزن حزنا شديدا انشرها لتستمر المقاطعة ويتكبدون خسائر أكبر بإذنه تعالى " .

وادعوا الجميع لنشر هذا المقال،، ولي ما ينشر بتجيه فاتورة الإتصالات تخليه يتسلف عشان يسدد، ويمكن ما يسلفونه مما يضطر أنه يترجى واحد ما يسوى عشان يسلفه، وهذاك يستغل الموقف ويطلب منه أن يوقع على شيك ( وهو ماعنده فلوس بالبنك ) وبعدين يوافق ويوقع ويتسلف ويروح يسدد الفاتورة، وهذاك يرفع عليه دعوى يطالب بمبلغ الشيك مما يستوجب أنه يروح يترجى أبو إلي سلفه عشان يتنازل، ويجي الأب يتوسط للمسكين بشرط أن يرهن سيارته ويسدد خلال 3 أشهر، وبعد ثلاث شهور الأب يطالب بالسيارة والأخ ماخذها بنظام تأجير والوكالة ساحبتها، ويضطر أنه يترجى الوكالة عشان يمهلونه مدة .. المهم إلي ما ينشر بروح فيها .. وأنا حذرت

الأربعاء، يناير 06، 2010

بين ترسيخ مفهوم الأسرة وهدمه بالقانون

لم يجمع العلماء على تعريف موحد للأسرة فلكل منهم منظور يرى من خلاله الأسرة، فرجح البعض الحب أساسا للبناء الأسري على الجماعة وآخرون يربطون مفهوم الأسرة بالأخلاق وتربية الفرد حتى يستعد لتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه ويصبح عضو فعال في المجتمع، وهنا لست بصدد ترجيح أحد الآراء، فالأهم من هذا كله أن الأسرة – ببساطة - مكونة من رجل وامرأة ولها تنظيمها القانوني الخاص الذي تتجلى أسمى صورة في قانون الأحوال الشخصية، بالتالي يتحتم على القائمين بالشأن القانوني تقديم أوراق العمل والبحوث المتخصصة في المؤتمرات و المجلات العلمية المحكمة بغية الرقي بالمنظومة القانونية بكافة تجلياتها وصورها سواء ما تعلق بالصياغة القانونية أو إضافة بعض البنود أو حذفها وفقا لتطور المجتمع ومتطلباته، ومع ذلك لا نستحسن تغيير القانون على أصغر الصغائر لان الفقه القانوني له الدور الظاهر في تضييق فهم النص وتوسيعه بحسب الحاجة والظرف المحيط؛ شريطة عدم تغيير مفهوم النص وخلق نص (أو قاعدة قانونية) جديد من خلال التفسير ونخرج عن قصد المشرع، هذه الطرق هي التي تؤهل الباحث المخلص لعمله لا أن تتم بطريقة عشوائية بغية الانتصار لمفهوم معين أو غيره، فالمنهج القانوني السليم يفرض على الباحث احترام الهرم القانوني ومبدأ سمو كل قانون على الآخر، فالقانون يحترم نصوص الدستور، والنص العام يقف مفعوله عند النص الخاص لما فيه من تفصيل في موضوع معين، لذلك لا يمكن أن نتجاهل هذه المنهجية في طرح آرائنا، وإذا ما انتقلنا إلى مرحلة قراءة النصوص القانونية وجدنا التهور بالآراء من بعض الباحثين الذين يضربون الدستور والشريعة الإسلامية والمجتمع العماني بعرض الحائط، فالمنهجية السليمة في وجهة نظري ونظر فقهاء القانون لا يمكن أن تهوي بنا إلى مطالب لم يتطرق لها دول الجوار وهم في انفتاح تام ومن باب أولى أن تتم المطالب عندهم ومع ذلك يجدون أنفسهم أمام خط عريض عندما يطالبون بمطالب لا تليق بهذا المجتمع، لذلك أرى أن المشرع العماني احترم المجتمع العماني وأنزل النصوص القانونية موافقة لمبادئ الشريعة الإسلامية وهو بذلك يلتزم بنص المادة الثانية من النظام الأساسي التي تلزمه بالأخذ في أحكام الشريعة الإسلامية، ويؤكد هذا المبدأ في قانون الأحوال الشخصية العماني حيث نص في المادة 281/د : " إذا لم يوجد نص في هذا القانون يحكم بمقتضى قواعد الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون" ولم يخالف المشرع مبدأ المساواة المقرر في المادة( 17 النظام الأساسي) لأن نص المادة قاصرة على الحقوق العامة للمواطنين وبذلك ترك الحياة الخاصة مطلقة تنظمها قوانين أخرى، فإذا سلمنا بمنطق الإخلال بمبدأ المساواة وفقا لمنطق من قال به لتطرقنا لنصوص قانون العمل التي تمنح المرأة حقوق تفوق حقوق الرجل، وكذلك الحال في قانون الأحوال الشخصية عندما قرر عدم إلزام المرأة بأي شي سوى القبول بالزواج وهي طرف في عقد الزواج وليس الولي كما يتوهم البعض، لان الولي يقف دوره على الموافقة (الشكلية للعقد إن صح الوصف) ولا تؤخذ موافقة الولي على إطلاقها إنما نظم المشرع العماني مسألة عضل الولي في المادة 10 من قانون الأحوال الشخصية، ففي المقابل نجد الرجل ملزم بالمسكن والمهر والنفقة، ومع ذلك فإن رجال القانون لم يتطرقوا لهذه التفرقة من باب الغيرة، بل نظروا إلى اختلاف المراكز القانونية أولا واحترام إرادة المشرع، واحترموا تكوين المرأة في ذلك وعلى أساس ذلك لم يطالبوا بإلغاء نص المادة 81 و82 من قانون العمل العماني التي تنص على عدم جواز تشغيل المرأة في الأعمال الضارة صحيا وكذلك الأعمال الشاقة، وهذه الأمثلة لا تعبر عن التفرقة في الحقوق والمسؤوليات، بل على العكس أرى أن أساس التفرقة هو تنظيم حملة لحقوق المرأة دون الرجل! فنحن لسنا أمام حرب بين جنسين كتب لهم الزواج حتى نؤيد طرف دون الآخر، فالأمور القانونية تنظر بطريقة أخرى، فنحن ننظر لشرعية هذه المطالب ومنطلقها خصوصا أن قانون الأحوال الشخصية العماني ينظم العلاقة بين المسلمين ولو اختلفوا في مذاهبهم، لذلك كان من الأحرى النظر في شرعية هذه المطالب وموافقتها للنصوص الشرعية الإسلامية قبل طرحها، أما غير المسلمين لهم الحق بتطبيق أحكامهم الخاصة وهذا الحكم منصوص عليه في المادة 282 من قانون الأحوال الشخصية.

والمجتمع العماني لم يتغير قبل أو بعد القانون، ونصوص هذا القانون تواكب الواقع الذي نعيشه، فإذا كانت المرأة تنفق على والديها فهذا واجب قانوني مقرر بنص المادة 63 من قانون الأحوال الشخصية يشمل الذكر والأنثى ولها أحكامها الخاصة، فهذا هو المجتمع العماني سابقا وحاضرا، وإذا جاء المشرع ليضع نموذج للرجل ونموذج للمرأة فهو ينظر للرجل العماني المثالي ولم ينظر للرجل العماني بسلبياته، فمن الخطأ أن يساير القانون أخطاء المجتمع ويهوي على حسب تصرفاتهم فهذه من خصائص القانون التجاري وليس قانون الأحوال الشخصية، ولو ضربنا مثلا من الواقع لوجدنا رجالا لا يستحقون وصف الرجال بتصرفاتهم ومع ذلك لا يتدخل القانون إلا وفق المحدود ويترك الأمور للأجهزة الأخرى، فنحن لا نطالب بتغيير النص بقدر ما نطالب بالتوعية للزوج والزوجة للقدرة على التعايش، وهذه التوعية تأتي عن طريق المناهج المعتمدة في المدارس، ويتدخل دور مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الإعلام، أما أننا نعامل عقد الزواج كما نعامل عقد البيع والإيجار فهذا مصيبة المجتمع، لان الزواج يقوم على المحبة والتفاهم وتقديم التنازلات والصبر والتضحية، فهو عقد دائم نسبيا لا يمكن أن نضبطه بنص قانوني فهذه وسيلة غير كافية.

ومرد ما ذكر أعلاه أني تابعت أحداث ندوة المرأة العمانية المقامة في فندق ( قوليدن توليب ) وتسنى لي قراءة الأوراق العلمية المشارك بها، وما يهم في هذا الصدد ورقة زميلة المهنة بسمة الكيومي، التي قدمت ورقة عمل-بعيدة عن مناهج القانون- تشرح من خلالها نصوص قانون الأحوال الشخصية ومدى نجاعته (أو مخالفته) مع اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ومن باب الإنصاف أتفق مع بعض ما تطرقت له إلا أنني أختلف في جم مطالبها ولن أتطرق إلا لمسألتين، وأولهما مطالبتها إلغاء شرط الولاية، لان هذا الأخير وفقا لمنظورها تمييز بين الذكر والأنثى ولا يحقق المساواة ألبته معززه ذلك وفق ما نصت عليه الاتفاقية وهذا ما تم تفنيده في الشق الأول من المقال وأضف على ذلك أن نصوص قانون العمل وقانون الأحوال الشخصية تفرق بين الذكر والأنثى في الحقوق! وإذا ما وضعناهما في الميزان لكانت حقوق الرجل مرجوحة ومع ذلك ذكرنا أن الأمور لا تنظر بالكم خصوصا في مسائل الأسرة، فالأسرة العمانية هي جزء من المجتمع بعاداته وتقاليده وهذا ليس بغريب على مجتمعاتنا التي تقدس الأسرة وتحترم الأب والأم فلا يعقل أن يأتي رجل قانوني ويطالب بالسماح للمرأة العمانية بأن تتزوج دون رضاء والديها، فإن القانون ينظر للأسرة المتماسكة كما نص عليها النظام الأساسي في المادة 12، ولم يغفل القانون عن الأب الذي تسلط على ابنته إنما منح هذه الابنة مقاضاته وفسخ ولايته، وما هذا إلا تعبير لأسرة متكاملة غير متفككة تربطها المحبة وهذا ما يجب أن يكون ولا نقيس على ما هو كائن.

ومن الناحية قانونية فإن إلغاء الولاية غير جائز شرعا ولا أعلم أن أحد المذاهب قال بغير ذلك إلا أبي حنيفة الذي أجاز زواج المرأة بغير ولي، ولكن بشروط خاصة تكاد تصل إلى الاستحالة حيث لو علم الولي بزواج ابنته من هذا الرجل لوافق فورا، ولا أعلم ما هي النصوص الضيقة التي لم نعرف –والفقه- أن نوسعها، والتوسع في القاعدة القانونية بشروط فهذا شرخ في النصوص وليس توسع، وإذا ما علمنا أن قانون الأحوال الشخصية يطبق على المسلمين فقط وللآخرين التقيد به بحسب اختيارهم ولكن هو ينظم حياة المسلمين، فمن أين جاءت فكرة إلغاء الولاية!

وعند التطرق لبند الكفاءة الذي هو حق للمرأة ووليها دون الرجل، ومطالبة إلغاءه على أساس التفرقة وهو أن المادة (أي 17) تعني بالحريات العامة وليس الخاصة، فكل مواطن له حق التقاضي والتعليم وغيرها من الحقوق الأساسية أما الحريات الخاصة فلم يتطرق لها وبذلك يمنح المواطن حقوق خاصة يجوز التنازل عنها، وإذا ما عدنا إلى نص المادة التي تشترط الكفاءة لوجدناها مطاطية صالحة لكل زمان ومكان، فالمشرع يشترط كفاءة الدين فقط مع العلم أنه يجوز التنازل عنه لانه حق وليس رخصة، وترك النص يبحر إلى ما شاء وذكر عبارة " العرف " في المادة السابقة، والمقصد أن النص متكامل فما نحتاجه هو توعية اجتماعية لنغير هذا العرف ليس إلا ولا سيما أننا في زمن الحريات فلماذا لا نعتبرها حرية شخصية أزوج من أريد وأرفض من أريد! ولا يفوتني أن أذكر أن عقد الزواج لا يربط الذكر بالأنثى فقط، فهو يربط أسر بأكملها وينتج عنها الخال والعم والخالة والعمة، لذلك ننادي بالأسرة المتماسكة التي قام أساسها على الرضى والتوافق والمحبة لا على أساس الإلزام البحت، لأن سلبيات المنع أكثر من إيجابياتها.

ولا يفوتني أن اشكر جهودها القانونية التي لابد أن نختلف معها اختلاف موضوعي يثري معلوماتنا القانونية ويثري القانون العماني بأسره وهذا جزء من ثقافة المجتمع التي من خلالها ننشر الوعي القانوني الصحيح وليس الحكم بعدم دستورية المواد القانونية السليمة وهي بريئة من تطبيقاتنا الخاطئة، لذلك كان الواجب على كل قانوني أن يشرح النص القانوني في أي قطر كان.