الاثنين، يوليو 27، 2009

السينما 3-4

ليس من الضروري أن نبرر الخطأ الذي وقعنا فيه خلال سنوات عدة ولم نصحوا منه أو نتعظ على الأقل وذلك بالرغم من تكرار الخطأ، فالوقوع بالخطأ صار أمرا عاديا والأمور في نهاية المطاف تحل نفسها بنفسها فهذا ما اعتدنا عليه، وبعد معالجة قضية السينما من الوجه الشرعي توصلت إلى نتيجة مفادها أن هذه الفتوى القصيرة الأجل على وجه السقوط في الأيام المقبلة بسبب ضعف الأسباب طالما تم ربط التحريم بمحتوى ما يعرض في السينما، وببراءة الطفل نستطيع أن نأتي بمحتوى راقي ومحافظ ونودع فتوى تحريم السينما، وقد يأتي البعض بمقولة أن الضوابط الشرعية التي ندّعيها هي زخرفة وجسر عبور السينما إلى المملكة ولكن ليس هذا مربط التيس المراد ربطه، لأنه من التهور أن نقبل بوجود سينما في المملكة ونستورد الأفلام دون أن نجهز أجهزتنا لهذه التقنية القديمة، ما طالبت به هو قراءة حقيقية للواقع الذي نعيشه واستثمار شتى الوسائل لصالحنا بدلا من هجرها بالتحريم ونصبح في صراع مع الزمن ولا نستثمر إلا القديم.

لا أشكك في نجاح الغرب عندما عزموا على نقل ثقافتهم بشتى الوسائل وخير دليل على ذلك تبدل الثوابت الاجتماعية عندنا إلى ما هو سيء، ولا أشكك في فشلنا في صد هذا الهجوم، فهم استطاعوا أن ينقلوا فلسفتهم في الحياة وطريقة تعاملهم مع مشاكل التقدم، أما نحن فمازلنا في بداية الطريق نرسل الأشخاص للتوعية ونخط الكُتيّبات بحجة الدعوة، لذلك تلقينا درس مفيدا في الحياة من حيث صعوبة العيش بمعزل عن المجتمعات الأخرى خصوصا في ظل تقارب الدول من بعضها البعض مما يجعل تأثر المجتمعات من طبائع الأشياء.

وعندما قررنا أن نختبر أنفسنا مع بعض التقنيات أيقنت بأن ردة فعلنا تنم عن فشل وتخاذل، فنحن نرفض السينما لأنها منهم ولم نقبلها على أساس أن نصنعها بأيدينا وما هذا إلا اعتراف ضمني بعدم أهمية العمل في الحياة، لأننا لا نريد أن نفتح كلية جديدة تدرس مثل هذا النمط لأننا ببساطة لا نريد أن نفكر ونضع المناهج المناسبة ولا نريد أن نتخطى أي عقبة بل نريد الشيء جاهزا وخاليا من العيوب لذلك وحتى هذه اللحظة لم ننجز أي شيء.

ومن التناقض أن ننتج الأفلام الكرتونية بحجة تأثيرها على الطفل وهي في حقيقة الأمر لا تأثر على الطفل بالشكل الذي هم تصوروه، لأنك لو عرضت هذه القصة بشكل كتاب لن يتأثر الطفل بها كتأثير الفلم الكرتوني ومع هذا لم نفهم أن وسيلة الفلم الكرتوني وخصوصا في هذه المرحلة أٌقرب للطفل من الكتاب، وكذلك الحال للمرحلة التالية فالمراهق لا يكرس حياته في المكتبات فهو قرر من بداية مراهقته أن لا يزور ما ننتج من أفكار على شكل كتب ونحن مازلنا ننتظر زيارته ولكنه لن يأتي بل علينا أن نذهب إليه بأفكارنا، فإن كان يتابع التلفزيون علينا أن نداهمه ببرنامج يرقى بأخلاقه وإن كان من مدمنين الإنترنت يجب أن نفرش له المواقع المفيدة وإن كان من محبي السينما فعلى عاتقنا يقع توجيهه بعرض سينمائي من إنتاجنا، ومع هذا مازلنا ننظر لأي وسيلة نظرة خوف وريبة وشك وأول ما يخطر في بالنا هو الفساد وكأن مجتمعنا خالٍ من الفساد، فنحن بذلك لم نعلم هذا المجتمع الصواب والخطأ بل حرمناه من الخطأ حتى فقد لذة الصواب.

مجتمعنا لا يعي تخلفه ولكنه يعي تقدم المجتمعات الأخرى في شتى المجالات لذلك هو في حيرة من أمره، هل يواكب إيجابيات التطور بالرغم من سلبياته؟ أم يقف موقف الدفاع أمام كل ما هو جديد؟ وفي نهاية المطاف ندّعي الوسطية في شتى زوايا الحياة!

هناك تعليقان (2):

  1. افتراض انا اذا غزونا المحتوى السينمائي فسوف نحل المشكلة، افتراض لا اتفق معاك فيه

    ذكرت ان المراهق يعزف عن المكتبة لأنه لا يريد القراءة او لا يريد قراءة افكارنا لذا نتقرب منه في التلفزيون و الإنترنت.

    لو فرضننا اننا قمنا بذلك، هل هناك اي ضمانة بان هذا المراهق سوف يزور المواقع التي فرشناها له؟

    هناك ما يضمن انه سوف يشاهد القنوات "الطيبة" التي نعرضها له في التلفاز

    المواقع موجودة و القنوات موجودة ... لكنهم ولا حتى يخطر ببالهم المرور عليها

    لا ارى ان الحل يكمن في اقتحام المحتوى و تطعيمه بالمفيد، فهذا تعتبر معركة خاسرة.

    لأنه ببساطة الفائز هو من يملك موارد أكثر

    ارى ان الحل في تغيير التصور و الفكرة في عقول لناس.

    على مر العقود القريبة السابقة ... الناس في العالم الثالث، او قل العالم الغير غربي، دجنوا و نشأوا ليكونوا مستهلكين لا منتجين ، تابعين لا متبوعين، مطنشين لا مبدعين.

    المطلوب من العالم الثالث هو توفير المواد الخام التي تستعملها الدول الصناعية لكي تنتج لنا سلعا اغلى من المواد الخام التي بعناها لهم حتى نشتريها نحن و نستهلكها

    توفير مواد خام ... و استهلاك

    هذه الفكرة و هذا التصور هو الذي يجب ان نتحرر منه حتى نخرج من تصنيف دول متخلفة او عالم ثالث بل حتى نخرج من التصنيف ككل

    هذا ما يجب القيام به حتى نتقدم تقنيا و اقتصاديا على دول العالم اجمع

    لكني كمسلم ... عزي و قوتي تكمن في تمسكي في ديني بكل فخر بدون خجل و بدون اعتذار او مساومة

    نحن قوم اعزنا الله بالإسلام ...

    شكرا على المقالة القيمة و الرائعة

    ردحذف
  2. اهلا بك عزيزي .. واشكر ردك الإيجابي والمثري لهذا الموضوع..

    قد أتفق معك ولكن وددت لو ضيقنا دائرة النقاش على السينما لأن استغلال ثرواتنا لهذا موضوع آخر ويتدخل في أمور سياسية كثيرة وقد تكون للإرادة السياسية شأن كبير.

    ما طرحته في هذه المقاله هو عتاب شديد على من حرم ومن منع دون أن يتفهم.. ليته حث على العمل في مشروع سينما.. بشكل عام الموقف السلبي عادتا يزعجني..

    الأمر الآخر بالنسبة لضمان الشباب،، أنا لا أضمن لك لأنه ببساطة عندما تقدم برنامج وتقول هذا برنامج للخير والأخلاق لا أحد يستجيب لذلك التصريح بالهدف ليس ضروري..

    الغرب وأمريكا خاصا عندما تصدر فلم لا تذكر لي كمشاهد عن أهداف الفلم ولكن أعطتني المساحة لأفكر.. ونحن كذلك نستطيع أن نصنع سينما تمثلنا وتخاطب عقولنا بشكل جديد ليس بالضروري أن اظهر بالصورة بالولد الصالح حتى يمل المشاهد.. والحديث في هذا الجانب فن مستقل ..

    بشكل عام وهدفي أن اوصل فكرة أن السينما بريئة من أعيننا الجريئة ونحن من نصنعها لا هي..

    اشكر مرورك أخي العزيز ودائما ما تثري المقالة..

    ردحذف