
أما ما صادفته فهو العكس تماما، حيث انه في إحدى الصحف المحلية في وطني الغالي، وهي صحيفة تملك أقلام رنانة ومع هذا ارتكبت أعذب الأخطاء في أجمل الألحان.
عندما كنت قارئ في كل صباح أتنقل بين المقالات وبين هذا وذاك، وأجد من بين عشرة كتاب كاتب واحد يجيد اختيار الموضوع وهدفه، وأما سائر الكتاب تتنوع أقلامهم بين توجيه الشكر والمديح على موقف معين، وآخر لا يعرف ماذا يصنع وهو مجبر على تقديم مقال في كل يوم فتجده يختار أول خبر يصادفه ويعلق عليه، وآخر يختار موضوعا ويسكب جل أفكاره حتى ينشف ذهنه.
أما المصادفة الجميلة أنك تقرأ مبررات على شكل مقاله فهذا ما لم أراه حتى في (مجلة ميكي) فالكاتب غير مجبر لتبرير كل كلمة فما بالك عندما يبرر ذلك في مقالته كل يوم، قد لا يتفق المتلقي مع الكاتب ولكن هذا لا يعني تحويل الكتابة إلى مناجاة الجمهور وجبرهم إلى تفهم عقليتك أو قصدك.
وعند حلول السَحَر عندما أصبح (كويتب) وتنهض غريزة النقد (البناء الموضوعي) أتحسر على حال الصحف عندما تصبح مسرحا للدعايات والإعلانات في كل صفحة وفي كل عمود، وهذا يمدح وذاك (يطر) وتلك تندد، وكأن الشارع لا يحتاج للكاتب وأصبح الكاتب يمثل نفسه ولا يخدم مجتمعه، بل على العكس أصبح دوره التعليق دون التأثير أو طرح التساؤل دون المغامرة بحل يتيم.
وحتى لا أكون قاسي على هذه الفئة فإن الوقت يداهمهم، لان المطالبة اليومية تشتت الفكر سواء على الكاتب أو الشاعر أو الملحن، ومن ذا الذي يدر الدرر كل يوم!!
لذلك أجد أن صحف كثيرة تستطيع أن تحتضن أي كاتب مثلا (صحيفة الوسيط) للإعلانات وتستطيع أن تعلن عن أفكارك و(تحرج) على آرائك بالمزاد الفكري، كذلك ممكن أن تعلق بعض المقالات على أبواب البنوك أن كنت تتخذ الكتابة مصدر رزق وتمدح بعض الشخصيات التي (تشخبط) على الشيكات (وهذا ليس بعيب طبعا)، كذلك النشر على مشارف مشاغل التجميل حتى نداهم المرأه بحقوقها، وان شاء الله نتحول من كتابة المقالات إلى توصيل المقالات (مجانا أكيد).
ملاحظة حتى لا أسردها بمقالة جديد، العنوان هو عنوان كتاب ابن وحشية