في ليلةٍ قمراء من ليالي عمّان الباردة، كنا نتسامر أنا وصديقي، وتداولنا أطراف الحديث في شتى مشاربه كيفما أتفق العنان، وأخذنا الحديث إلى النقاش حول عقوبة الإعدام في الإسلام، وكان ردي له بأن الإسلام يعاقب بالإعدام عند قتل النفس أو الرده عن الدين، ولم يستوعب فكرة الإعدام بسبب الرده عن الدين حيث التذرع بحرية الاعتقاد واعتناق أي فكر يؤمن به الإنسان.
عندما راجعت بعض القوانين وجدت هناك اختلاف حول حماية الحقوق، وهي على درجات متفاوتة فمن يعتدي على هذه الحقوق يعاقب بالإعدام في بعض الحالات و بالغرامة في حالات أخرى، وكلها تدور حول دائرة الحقوق والمصالح سواء كانت مشتركة أو فردية، وبعض القوانين رجحت المصالح السياسية على المصالح الدينية إذ نجد في كتاب الجرائم عقوبات بالجملة حول تخريب المنشآت والطرق العامة و المؤسسات الحكومية، وإذا وضعنا العقوبات المترتبة على تخريب ما ذكر من مصالح حكومية تخدم الصالح العام نجدها تختلف اختلافا جليا بينها وبين تخريب المساجد، مع العلم أننا في مجتمع إسلامي يقدس المسجد على الوزارة، وحرمته راسخة في ذهن كل فرد من أفراد المجتمع. أما الطرق العامة لا ترتقي إلى حرمة المساجد فمن البديهي أن يكون الاعتداء على حرمة المسجد يحمل عقوبة أشد من الاعتداء على المنشآت العامة!.وعندما نفترض بأن الإسلام تـُرك سدى حتى يأتي ساسة المسلمون ويفرضوا حمايتهم ويشرعوا ما لذ وطاب من التشريعات الوضعية التي هي مرهونة بمتغيرات العصر بحسب الصراع الفكري الأبدي الذي ورث ترجيح الاقتصاد على الدين أو الفرد على الجماعة والعكس، لذلك تساوت عقوبة الإعتداء على الحياة بعقوبة الردة في الإسلام بما أن الإسلام هو حياتنا الإيمانية التي هي تكمل حياتنا اليومية في شتى المجالات.
لذلك لا استغرب ياصديقي عندما يشرع الله سبحانه وتعالى تشريع يحمي به دينه الحنيف وإذا كانت العقوبة قد جعلتك تتعجب فلا عجب، لأن الإسلام هو الاعتقاد الذي نؤمن به وبأحكامه، ولا نكون بدرجة من الأنانية عندما نقبل بأن يحفظ حقوقنا ويصونها ولا نقبل بأن يحفظ نفسه بعقوبة واحدة فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق